*** التعليم قضية خاسرة ***
طوال عمرى الوظيفى وأنا مهتم اهتماما بالغا بالتعليم , ولم أمارس الدروس الخصوصية إلا شهرين بسبب ضغوط خاصة , وكنت أعطى مجموعات دراسية مجانية , ولكن منذ خمسة عشر عاما لا يوجد تعليم فى مصر , ناهيك عن التربية , وتم بيع قضية التعليم لصالح الدروس الخصوصية , ولا أحد يهتم , ومدارسنا شبه خالية طوال العام , خصوصا المرحلة الثانوية , والصف الثالث الإعدادى , ونصف الصف الثانى الإعدادى . وكثير من المدرسين والمشرفين غير مؤهلين , ويفتقدون أول درجات النجاح , وهى الرغبة وحب العمل , والتنمية المهنية ..
انشغل أبناؤنا وبناتنا منذ سنوات بالفيس بوك والنت , ومن قبل انتشار النت ,,, وهكذا يقضون وقتهم , ما بين الدروس الخصوصية , والنت ,, وأصبحت المدارس تنعى نفسها ..
نحن لا نسير فى طريق واحد , ونعمل جاهدين ضد بعضنا البعض , ونعوق أعمال بعضنا بعضنا , ونستمتع بالكذب والهراء , ومن يعملون فى صمت قلة تقوم عليها أعباء العمل دائما ..
أكثر من مرة سمعت السيد الوزير الحالى , يقول مبررا عجيبا للدروس الخصوصية , يقول : " العالم كله فيه دروس خصوصيه " هكذا أنهى السيد الوزير أخطر قضية تهم مستقبل مصر , وهكذا حل المشكله ببساطة , كما كان نظام المخلوع يبرر الفساد , المخلوع الذى خلعه الله خلع عزيز مقتدر : " العالم كله فيه فساد " فلا أحد يتعب نفسه بالشكوى .. وذكرنى ذلك بموقف طريف من أحد أفلام محمد سعد عندما وقف ضابط الشرطة ( محمد سعد ) وقد تم نقل مخ إنسان متخلف إليه , قائلا بانفعال :" الفساد فى العالم كله , فى عابدين , والسيده زينب , والعتبه ... هذا هو العالم كله للمختل ..
ومنذ أيام قال السيد الرئيس عن المدرسين فى إجابته عن سؤال أحد الصحفيين عن الدروس الخصوصية : " ماقدرناش نعيّشهم فمن حقهم يعيّشوا نفسهم بطريقتهم " وبهذا الرد أصبحت الدروس الخصوصية حقا مشروعا ... مرتب المعلم ضعيف ومصاب بالأنيميا , فعليه أن يتصرف بطريقته , والكل يعلم من سنوات أن مواعيد الدروس الخصوصية تكون فى موعد العمل بالمدرسة , والكل يتهرب من المشكلة , كل الوزراء يتهربون من الكارثة أو يبررونها , وتدور عجلة الفساد الغاشمة , وتطحن فى طريقها المستقبل والعدالة والمساواة , ويعيش المجتمع فى مستنقع الدروس الخصوصية متوافقا ..
كما أن السيد الوزير صرح فى الأهرام بأن الفصل من المدرسة سيكون عقاب الطلاب الغائبين , ولم أستطع أن أقول ذلك لطالبات المدرسة , لأنه غير صحيح , ولو قلناه سيتضح لهن أننا نكذب , ولن يصدقونا مرة أخرى .. فالكذب خيبة ولعنة , ولاتوجد عندنا نشرات تقول ذلك , ومدرسو الدروس الخصوصية الفاشلون , يحرضون الطلاب على عدم الذهاب إلى المدارس,
ولكنى أقول دائما أن الدروس الخصوصية فى وقت العمل جريمة ومن يتعاطاها فى وقت المدرسة مجرم , وهى مال حرام ومسموم لمن يعطى , ومن يأخذ , ومن يصمت ,,, ولكن لاحياة لمن تنادى
كما أقر أن هذه الحملة فشلت فشلا كبيرا ,ولم تحقق نجاحا على أى مستوى , لأن الفساد جميل ولذيذ الطعم , وشهى , وإلا كيف ينتشر فى طول مصر وعرضها ..
أيها المسئولون , أنا لا أكذب عليكم : لا تعليم فى مصر .. أو هناك تعليم بنسبة 30% - ربما -
ماذا نفعل الآن ؟ أشعر بهزيمة كبيرة , فالوزير يتحدث عن إنجازات لا يراها إلا هو , وبعض صفحات المدرسين الفاشلين التافهين الذين لا يعرفون فضيلة التقييم والتقويم , تهلل دائما للسيد الوزير .. والسيد الرئيس يبرر الدروس الخصوصية .. أشعر بهزيمة كبيرة فى حياتى الوظيفية , ولا أفكر من سنوات إلا فى الخروج إلى المعاش المبكر رغم كل الخسائر المادية , فلم أعد أحتمل أن يدوس الشعب والحكومة على كل ما أومن به .. كن معى يارب , ونوّر لى طريقى , فأنا أتخبط فى أفكارى , ومن لى سواك ... ؟