[rtl]عقاب المتفوق[/rtl]
[rtl]دخلت الفصل فوجدت محمودا يبكى بحرقة , ويمسح دموعه بيديه :[/rtl]
[rtl]- بتعيط ليه يا محمود ؟ فأجاب التلاميذ عنه : أصل الأستاذ سامى ضربه ,[/rtl]
[rtl]- ضربك ليه يا محمود ؟ فلم يجب محمود , وزاد بكاؤه , وأجاب التلاميذ : الأستاذ سامى سأله ومجاوبشى , ومدّه على رجليه , فعرفت ما حدث ..[/rtl]
[rtl]محمود أشطر تلميذ فى الفصل , وربما فى الصف الأول الأعدادى كله بالمدرسة , تلميذ قصير مبتسم , يرفع يده عند كل سؤال , وأحيانا حين لا يعرف أحد الإجابة , يظل يرفع يده ويهزها ,ويتحرك قليلا قليلا من مكانه منفعلا , حتى يقترب منى : أنا يا أستاذ , والنبى يا أستاذ , أنا عارف الإجابة , فأقول له على سبيل التهديد : لو مرجعتش مكانك يا محمود هتنضرب فيقول : ماشى يا أستاذ , هنضرب هنضرب , بس أجاوب ... [/rtl]
[rtl]ضربه الأستاذ سامى وحش الدروس الخصوصية , جعله يخلع حذاءه , وجعل الأولاد يمسكونه , خصوصا الأولاد البلداء والأغبياء الذين يأخذون عنده درسا خصوصيا , وضربه على قدميه ضربا شديدا , لأن محمودا لا يأخذ عنده درسا , وهؤلاء المدرسون المسعورون يسعون بكل الطرق لجذب الطلبة الأذكياء لدروسهم الخصوصية , ولكن محمودا لا يأخذ درسا فى أية مادة , لأنه شاطر , ولأن ظروف أسرته لا تسمح ,, لذلك سأله الأستاذ سامى سؤالا صعبا جدا من أجل ضربه وإذلاله , ولم يكن الضرب ممنوعا فى ذلك الوقت خصوصا فى الريف ..[/rtl]
[rtl]طبطبت على محمود , وهدأته , وأرسلته ليغسل وجهه , ويشرب , ويغير جو الإهانة التى لحقت به , محاولا ألا أسىء إلى ذلك الأستاذ أمام الأولاد .. فى الفسحة صادفت الأستاذ سامى , فعاتبته , فوجدت الارتباك فى عينيه , ولكنه كان من البجاحة بحيث أنه دافع عن جريمته , وهون منها ..[/rtl]
[rtl]بعد خمسة عشر عاما كنت أجلس فى انتظار أوتوبيس قريتى قرب الريّاح التوفيقى , لأن الموتوسيكل عطلان , ووجدت شابا متوسط الطول , مبتسما , ويلبس جلبابا أبيض يتجه ناحيتى فى حماس , ويسلم علىّ , ويأخذنى بالحضن : ازيك يا أستاذ حسين , انت مش فاكرنى , أنا محمود , من مدرسة العمار , كنت أقصر عيل فى الفصل ... فى لحظات استجمعت ملامح ذلك الطفل الصغير المتميز ... ياه فاكرك يا محود والله , كيف حالك ؟[/rtl]
[rtl]أصر محمود أن يعزمنى على عصير , ورفض رفضا قاطعا أن أدفع الحساب , وودعنى فى مودة كبيرة ,,,[/rtl]