فن الزجل
وشعر العامية والكتابة النيئة
حسين أحمد إسماعيل
مقطع من تمثال محمود مختار الرائع
حاملة الجرة
سبحة عتيقة من الحجارة شبه الكريمة, سبحة تراثية
وبداخلها بعض السبح الحديثة, وعالم السبح عالم كبير وجميل
وصناعة قديمة , ولها أحجام وأشكال متنوعة , وتصنع من مواد مختلفة
أحجار كريمة وغالية , وأخشاب , وحبوب , وثمار جافة , ومواد بلاستيكية
وكانت السبحة المزودة بمادة فسفورية مضيئة فى الظلام كانت تسحرنا صغارا
والسبح المضيئة تسمى : نور الصباح ,
وتباع كل أنواع السبح حول مسجد الحسين والأزهر الشريف
والسبحة كانت لأبى رحمه الله
وقد صورت السبح بالاسكنر على شكل قلب
وتزدهر السبح فى شهر رمضان الكريم لتساعد على تنظيم التسبيح
لهواة التصوير صورة مصورة بالاسكنر
تدل على هجوم شامل على ذلك القلب الورقى الضعيف
وشعر العامية والكتابة النيئة
حسين أحمد إسماعيل
مقطع من تمثال محمود مختار الرائع
حاملة الجرة
سبحة عتيقة من الحجارة شبه الكريمة, سبحة تراثية
وبداخلها بعض السبح الحديثة, وعالم السبح عالم كبير وجميل
وصناعة قديمة , ولها أحجام وأشكال متنوعة , وتصنع من مواد مختلفة
أحجار كريمة وغالية , وأخشاب , وحبوب , وثمار جافة , ومواد بلاستيكية
وكانت السبحة المزودة بمادة فسفورية مضيئة فى الظلام كانت تسحرنا صغارا
والسبح المضيئة تسمى : نور الصباح ,
وتباع كل أنواع السبح حول مسجد الحسين والأزهر الشريف
والسبحة كانت لأبى رحمه الله
وقد صورت السبح بالاسكنر على شكل قلب
وتزدهر السبح فى شهر رمضان الكريم لتساعد على تنظيم التسبيح
لهواة التصوير صورة مصورة بالاسكنر
تدل على هجوم شامل على ذلك القلب الورقى الضعيف
سحر الزجل:
فن الزجل يُحتضر منذ سنوات طويلة. درست رسومه ، وعفت آثاره ، ولم يبق من خيامه غير القليل ، وغير بقايا الحبال ، وآثار المواقد التى كان يجتمع حولها الشعراء والفقراء بعد عناء يوم شاق، يغنون وينشدون ما يلائم حياتهم وأذواقهم ، ويعبر عنهم من فنون الأدب الشعبى بعيدا عن "قفا نبك" فبينهم وبين تلك الألغاز بحار وجبال .
تغير الزمن، وهاجر الشعراء إلى أرض أخرى ، وغيروا معظمهم إلى شعر العامية ، فأبدعوا وتطوروا وعبروا عن روح الشعب , وطوعوا الموسيقا ، وحافظوا عليها، لأن أذن العامة لها ميراث طويل مع الموسيقا بداية من القرآن الكريم , وصوت الآذان الذى يحمل طاقة موسيقية روحية ، إلى التواشيح والأغانى الدينية، وأغانى المناسبات، والمواويل والشعر الشعبى والأمثال وشاعر الربابة والليالى والموالد والأغانى التراثية والسير الشعبية .. إنه ميراث ممتد مئات السنين فى الزمن وفى الروح، فشعر العامية المصرية تطور تطورا طبيعيا مستندا إلى تشكيلات موسيقية متنوعة وثرية.
ثم جاء جيل ضعيف هزيل , أخرس , أصم , هجين , لقيط , شائه الخلقة ، لم يعرف شيئا عن أمجاد الأسلاف ولياليهم المضيئة , وأزجالهم , ومواويلهم التى تفيض بالشعر والسحر، فتغرق المكان أو بالحزن والألم ، فيسيل الشجن على الليل والأرض , والشجر , والنهر والترع , والسواقى , والعشش , والحوارى المظلمة .
جيل أخرس لا يعرف موسيقا الروح ، الموسيقا التى توقظ الروح عن طريق الحواس ، عن طريق الأذن .
إن التفاعل والتوافق بين اللغة والموسيقا والمعانى تفعل فعل السحر فى النفس.
لم يعرفوا أن الكون موسيقا ، وأن العصافير تغنى ، وأن موسيقا الطبيعة تحتاج إلى شاعر حقيقى ، ليشعر بها , ويتجاوب معها , ويستفيد منها ، ولكن هؤلاء ينابيع أرواحهم مردومة . الموسيقا فى نسيج الحياة ، روح الحياة ..
هؤلاء كتبوا ما يسمى بقصيدة نثر العامية . نحن نقبل قصيدة نثر الفصحى على مضض – لكثرة الأفاقين – فلها جمهور , أما قصيدة نثر العامية فهذا هو التخلف العقلى الحقيقى .
إن ربة الشعر لا تلتفت إلى هؤلاء ، وتتركهم فى جهالتهم يعمهون ، والناس لا يهتمون بهم ، وسكان المريخ الصغار الأشداء الأذكياء ضحكوا حتى انقلبوا على ظهورهم عندما سمعوا عن قصيدة نثر العامية وقالوا : وكم ذا بمصر!!
هجوم الجهل:
لقد رأيت هؤلاء يحيدون عن نبع الشعر ، ويخوضون فى المستنقع سعداء يؤازر بعضهم بعضا ، ورأيتهم بليل حالك كالتلاميذ الخائبين يتسللون إلى قاعة الموسيقا ، يتحركون كالأشباح , وينقضون على آلات الموسيقا التى تملأ ليالى الفقراء بغذاء الروح على الترع والمصاطب وفى الحقول, وبجوار النيل , وفى الصحراء , وفى الأكواخ , وفى الأجران.
توقع أنت أثر ضربة الفأس فى جسد الربابة الرقيق .. ألا تسمع صرخة الربابة وأنتها وحشرجتها ، وبحة الوتر تحت الفأس .
وتوقع أثر ضربة الفأس فى بوصة الناى الذى يملأ أرواحنا بالشجن العذب الذى يغسل الروح . وتوقع أثر ضربة الفأس فى المزمار البلدى صوت الفرح والبهجة ، وتوقع أثر ضربة الفأس فى الطبلة أستاذة الإيقاع , والرق صاحب الدوشة المحببة , والهسهسة التى تدغدغ المشاعر ، وتوقع أثر ضربة الفأس فى الصاجات ، ألا يسمع صرخها الحادة ، الصاجات التى لا تعرف شيئا عن الرزانة والتعقل .. الصاجات الصاخبة . وتوقع أثر ضربة الفأس فى العود حيث يتحطم الخشب الثمين وتصرخ الأوتار .. العود السيد المحترم .
آه .. إن التتار الهمج لا يفعلون ذلك ، ولكن فعلها كتاب لا قصيدة نثر العامية فى مصر المحروسة .
فعلوها تحميهم شجاعة الجهل ، والمراهقة الفنية "وشغل العيال" الذين سمعوا عن ربة الشعر ولم يشاهدوها ، ولم تتجل لهم فى بهائها الأسطورى ، فكتبوا كلاما سخيفا نيئا لم تمسسه نار الفن .. كلاما كالحصرم .
كيف يكون الشاعر معولا غشيما يقطع ويخرب جذور شجرة أمته الهزيلة ، ويحرق الزرع ، وينفصل عن أجمل ما فى ماضيه – الفن -؟
لقد ذكر أحمد رشدى صالح فى كتابه : فنون الأدب الشعبى، أن الفولكلور فى أوروبا بدأ الاهتمام به مع بداية القوميات .. لقد بحثت كل قومية عن تميزها بحثت عن جذوره ا، واهتمت بها , وحافظت عليها ونمتها، ونحن أحوج الناس فى العالم للحفاظ على خصوصيتنا وتنميتها وتنقيتها فى مواجهة سعار العولمة وسحق القوميات .
إن الأدب الشعبى ، والشعر العامى حاجة روحية لملايين الشعب حمل همومهم وأفراحهم ، وكفاحهم ، ومآسيهم ، وهم فى حاجة إليه ليخفف عنهم ، ويملأ أرواحهم ، ويحمل وجودهم فى الحياة .. فحاجتهم إليه حاجة حقيقية ، والرائد لا يكذب أهله ، والشاعر لابد أن يكون رائدا فى العالم الثالث البائس المريض الجائع العريان . عالم الفساد والقبح والقذارة ، فكيف يخون الشاعر أهله ومواطنيه , ويكون أداة لأخذ الفن بعيدا عن الحياة ؟ وسهما موجها إلى قلب شعبه .
مسيرة قصيدة العامية
لقد تم الخروج على الشكل التقليدى فى الفصحى والعامية فى أشكال كثيرة ثبت منها أمام الزمن بعض الأشكال الصالحة . وصلنا من العامية الزجل والموال عبر القرون ومازالا يعيشان . كما تداخلت أنواع وتطورت . هل يتذكر أحد كل الأشكال التالية : المزدوج , التربيع التخميس , المسمطات , الأراجيز ,الموشح , الدوبيت , الكان وكان القوما , البلالين , السلسلة , الزجل , المواليا .
تحررت قصيدة العامية المصرية من قوالب العامية المتعددة , والتى لم يثبت معظمها أمام الزمن ، ولكنها لم تتحرر من الموسيقا بل اعتمدت عليها كما فعلت قصيدة التفعيلة فى الفصحى . والتفاعيل المستخدمة فى العامية قليلة وبسيطة وسهلة ولا تحتاج إلى إهمالها والتنوع الموسيقى فى العامية مرتبط بقدرة الشاعر على استخدام الألفاظ والقافية , والجناس الذى أغرم به الشاعر الشعبى قديما ومازال مؤثرا إلى الآن.
نشر هذا المقال فى جريدة أخبار القليوبية سبتمبر 2002