وساد الصمت فى القاعة
وجدى رياض
النيل .. هبة الله لنا
من تصويرى
وجدى رياض
النيل .. هبة الله لنا
من تصويرى
فى واحدة من محاضرات الباجواش بالقاهرة و وقف أحد العلماء الروس يلقى محاضرته وقد تناول فيها التقدم الذى أحرزته دول العالم الثالث , وأشار إلى مصر قائلا : أنتم فى مصر تملكون كل آليات الازدهار والتفوق , تملكون نهرا كريما فياضا بالخير , يشق البلاد من أقصاها فى الجنوب مخترقا الوادى فاردا ذراعيه برشيد ودمياط , وتملكون خمس بحيرات كبرى تمتلئ بالمياه العذبة والخير , وسدا عاليا يحكم صمام الفيضانات , وخزان أسوان , وقناطر وسدودا , ولديكم سواحل ذهبية تمتد ل 1800 كم على البحرين المتوسط والأحمر , ولديكم قناة السويس تدر ذهبا كل طلعة شمس , وتملكون جوا صحوا تشرق فيه الشمس صباح كل يوم ولمدة 345 يوما فى السنة , ولديكم سياحة عالمية وتملكون سدس آثار العالم , وتنفجر فى تربتكم آبار البترول والغاز الطبيعى , ولديكم المناجم الغنية بالفحم والمعادن والذهب والأرض عامرة بالمعادن فى شرقها وغربها وجنوبها ..
ولديكم إمكانات استغلال الطاقة الشمسية , وأودية الرياح لتوليد الطاقة الكهربائية كطاقة نظيفة , وتمتلئ خزائنكم بتحويلات المصريين بالخارج , ولديكم بنية أساسية قوية من " كبارى " وأنفاق وطرق ومياه وكهرباء وغاز وصرف صحى وتليفونات , ولديكم26 جامعة ومئات الكليات والمعاهد وعشرات من مراكز البحوث , ورصيدكم من العلماء فى الداخل والخارج عظيم , ومن بلغ العالمية ونال جائزة نوبل , وتملكون نظاما مؤسسيا راقيا , وأرسلتم البعثات لدول
المنطقة لتعليم وعلاج أبنائها , ولديكم ثروة بشرية لقيادة التنمية , ولديكم زراعة وصناعة ومؤسسات قضائية وتشريعية وتنفيذية , وجيش قوى وشرطة جيدة وصحافة وإعلام , والأكثر من كل هذا تملكون موقعا عبقريا أو قولوا فلتة عبقرية على حد قول العالم الراحل جمال حمدان . إن كل الدول حولكم حققت تقدما علميا ملحوظا فى الشرق الأوسط وإفرقيا , والنمور الأسيوية وأمريكا اللاتينية , وأنتم لا ينقصكم شىء , فلماذا أنتم متخلفون عن الدول المجاورة ؟! طرح الرجل السؤال وسكت .. وهنا ران صمت فى القاعة !
هذا المقال البديع , والذى يصور حالنا أبلغ تصوير , والمؤثر جدا لدرجة التأنيب والتوبيخ والعتاب الموجع لنا من عالِم يحب مصر , ولا يرى سببا أبدا لتردى أحوالنا .. هذا المقال فصلته من بريد جريدة الأهرام فى 5/2/ 2008 , وكبرته وصورته وعلقته فى أماكن عديدة من المدرسة إعجابا بكل كلمة به , وكم تمنيت أن يقرأه كل مصرى , وأن يرى صورته فى المرآة , وأن يتألم لأن هذا الأمر يستحق الألم .. ونحن الآن أحوج ما نكون إلى أن نعرف قدراتنا , وأن نبدأ عصرا جديدا من العمل والإبداع , وأن ندع تلك الروح المتخاذلة , وأن نطبق القوانين , فقد أنقذتنا الثورة المصرية , وعشنا معجزة حقيقية , وهى آية من آيات الله فى الأرض , وأن ندع الكلام الكثير والسفسطة التى أغرقتنا فى دوامتها , وخصوصا المتخلفين الذين يرفعون راية التكفير لكل من يخالفهم فى الرأى .. الحياة تسع الجميع , وتسع أولا الأقوى والأذكى , والأكثر تحضرا وعملا وإبداعا .