*** فرق أجيال ***
يتهم الكثيرون- وأنا منهم - بعض رجال الدين والجماعات اليمينية بالتجارة بالدين , وهذا حق , ولكن لتكتمل الصورة فمعظم الشعب يتاجر بالدين , إنه وباء بدرجات مختلفة , ولكن الإصابة منتشرة كالهواء .. مع ملاحظة أنه لا يوجد فى الإسلام رجال دين , بل علماء دين ..
فأنا أجد حولى تجار دين يصلون ويصومون , ويحجون , ثم لا يكفون عن الكذب , وشغل اللوع , واللف والدوران , والتهرب من العمل بكل الحجج , وعدم إجادة العمل , لذلك شرحت للزملاء بالتفصيل أن المعلم الذى يتأخر عن حصته خمس دقائق , ويقول مستهترا :" وإيه يعنى خمس دقائق " هو فى الحقيقة نهب من وقت فصله عدة ساعات فى حصة واحدة , لأنه تأخر عن كل تلميذ وتلميذة خمس دقائق .
وشرحت لهم أن المعلم لا يفعل ذلك أبدا , ولكن المدرس الفاشل هو من يفعل ذلك , ومن عشر سنوات وأكثر وأنا أشرح الفارق الهائل بين المدرس والمعلم , باختصار المعلم = قيم , وأخلاق , ومبادئ , وسلوك , ودين , وأخيرا مادة علمية - المعلم قدوة ونموذج للجميع فى كل شىء - المعلم يفْهم ويفهّم الآخرين - المعلم تربوى ,- والمعلم عقل وقلب وضمير شعبه - والفارق بين المدرس والمعلم مثل الفارق بين المسلم والمؤمن .... والمدرس عكس كل ما سبق , وهو وحش دروس خصوصية ..
والفرق بين الأجيال الذى أقصده فى العنوان , هو استهتار معظم الشعب بقيمة العمل , وقيمة العقل , فالجيل السابق كان يعمل كثيرا بإخلاص - غالبا - مع مرتبات هزيلة , وكان المعلم منا يعمل أكثر من أربعة مدرسين من مدرسى هذه الأيام الذين يشتكون كالأطفال من جدول من ثمانى حصص أسبوعيا , وكنت وأنا معلم أول فى مدرستى الحالية أعمل 16 حصة أسبوعيا أكثر من نصابى بحصتين بدون تذمر , إضافة إلى الأعمال الإضافية من صحافة , وإذاعة , ومسرح - قبل تعين مشرفى صحافة ومسرح - وتصحيح كراسات وامتحانات , ومتابعة للزملاء المعلمين ...
كما أنهم يهلكون وقتهم فى الكلام والكلام والكلام والثرثرة , ويبدو أن هذا هو الأمر الوحيد الذى نجيده نحن المصريين .. إن دائرة الفساد محكمة , وأقوى من عدة ثورات , وأقوى من كل الدماء التى سالت .. متى نتغير ؟ ارحمنا يارب , من يرحمنا غيرك , وارحم عبدك الضعيف حسين إسماعيل , فقد أهلكته السفاسف .. يارب